السياسة
“المقصلة” أقصت 10%موقع بريطاني: جدل سياسي بعد استبعادات المفوضية.. ومخاوف من عدم إجراء الانتخابات

كشف موقع أمواج البريطاني، اليوم الثلاثاء، عن تصاعد المخاوف بشأن مصير الانتخابات العراقية المقبلة، بعد قرارات استبعاد مثيرة للجدل، يُشتبه بأنها ذات أبعاد سياسية، شملت مئات المرشحين، من بينهم نواب معروفون ومحافظون سابقون وقضاة، وبنسبة وصلت إلى نحو 10% من إجمالي المرشحين، ما أثار القلق من انخفاض نسبة المشاركة وتأثير ذلك على مستقبل العملية السياسية.
وذكر التقرير أن المراقبين يترقبون التقرير النهائي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات حول عملية التدقيق، المقرر صدوره في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، مشيرًا إلى معلومات متداولة عن استبعاد أكثر من 780 مرشحًا من أصل 7440 تقدموا للتسجيل، أي ما يعادل نحو 10% من المرشحين.
وأشار الموقع إلى أن إحدى وسائل الإعلام العراقية وصفت إجراءات التدقيق بأنها “مقصلة استبعاد”، وسط نقاشات حادة في الأوساط السياسية والإعلامية بشأن ما إذا كانت هذه الإجراءات قائمة على أسس قانونية أم أنها تحمل خلفيات سياسية.
ولفت التقرير إلى أن المفوضية تواجه انتقادات واسعة بسبب القرارات المفاجئة وغير المعتادة، خصوصًا أنها طالت مرشحين خدموا لعدة دورات في البرلمان. كما نقل التقرير عن موقع الاستقلال تصريح الباحث العراقي علي المصري، الذي رأى أن هناك دوافع سياسية وراء هذه القرارات، لافتًا إلى أن بعض الأسماء المستبعدة كانت مرشحة لتحقيق فوز كبير، وكانت الكتل السياسية تعوّل عليها.
وذكّر التقرير بأن هذه ليست المرة الأولى التي تُنتقد فيها المفوضية بشأن آليات التدقيق، مستشهدًا بتقرير بعثة مراقبة الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي عام 2021، التي وصفت ممارسات المفوضية بأنها “غامضة” و”تفتقر إلى الشفافية”.
وأكد أن حجم الاستبعادات الحالية في حال استمر سيكون غير مسبوق، إذ إن الانتخابات السابقة، سواء الاتحادية أو المحلية، لم تشهد استبعادًا يتجاوز عشرات أو بضع مئات من المرشحين.
وبيّن أن الجدل الحالي يتمحور حول التفسير الصارم لقانون الانتخابات، خصوصًا ما يتعلق ببند “حسن السيرة والسلوك”. واستذكر ما حدث في انتخابات عام 2014، حينما قدّم أعضاء مجلس المفوضية التسعة استقالاتهم قبل خمسة أسابيع من موعد التصويت، احتجاجًا على ما وصفوه بـ”النفوذ السياسي”، وسط اتهامات لرئيس الوزراء في ذلك الوقت نوري المالكي وحلفائه باستخدام هذا البند لإقصاء معارضين سياسيين.
كما تطرّق إلى ملف “اجتثاث البعث”، الذي أُدخل لأول مرة بعد غزو العراق عام 2003 من قبل رئيس سلطة الائتلاف بول بريمر، ثم أُعيدت صياغته عام 2008 تحت اسم “قانون المساءلة والعدالة”، والذي منح السلطات صلاحيات واسعة لمنع أعضاء سابقين في الجيش والدوائر المدنية وحكومة صدام حسين من خوض الانتخابات أو تولي المناصب، وهو بند استُخدم، وفق منتقدين، لإقصاء مرشحين من المكوّن السني.
وأضاف التقرير أن المستجدات الحالية تحمل مفاجأة، إذ إن عمليات الاستبعاد شملت هذه المرة شخصيات من الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم وأحزابًا متحالفة مع إيران، بحجة وجود “ارتباطات بعثية” مزعومة.
ورجّح أن تكون المفوضية خاضعة لضغوط قوية، على غرار ما حدث في عام 2014، لاستبعاد مرشحين من كتل متنافسة، موضحًا أن تقارير إعلامية تحدثت عن حملة تقودها جهات مقربة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بغرض تقليص نفوذ بعض الأحزاب الشيعية الأخرى.
ونوّه التقرير إلى تحذيرات من أن عمليات الاستبعاد الجماعية قد تفضي إلى تأجيل الانتخابات، في ظل حالة الصدمة التي أصابت بعض القوى السياسية.
وشدّد على أن هذه الخطوات قد تُسهم في تراجع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، والتي هي في الأساس تشهد هبوطًا متواصلًا منذ سنوات، مبينًا أن إقصاء شخصيات من المعارضة ومن داخل السلطة الحاكمة يفاقم المخاوف من فقدان ثقة الجمهور بالعملية السياسية برمتها.
كما أشار إلى أن هذه التطورات تعكس ما وُصف بـ”انهيار” صفقة الإصلاح التي أعقبت احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، محذرًا من أن هذا الانهيار قد يكون مؤشرًا على احتمال اندلاع اضطرابات اجتماعية جديدة، إذا ما شعر المواطنون بانسداد الأفق أمام التغيير عبر الانتخابات.
واختتم بالإشارة إلى أن الطعون القانونية ستستمر لمدة شهر إضافي، مع انتهاء المهلة في الرابع من أيلول/سبتمبر لاستبدال المرشحين، متوقعًا أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدًا من المراجعات والطعون، وسط ضبابية تكتنف مصير الاستحقاق الانتخابي المقبل.