تحقيقات
علي بن أبي طالب.. حين تكون الحقيقة بمقام الأسطورة:سيرة الكرار خارج الزمن التقليدي

في حديث فكري خاص لـ “بصرة 365”، أكّد أكاديميون وباحثون أن شخصية الإمام علي بن أبي طالب (ع) لا تُختزل في التاريخ السياسي أو البطولي وحده، بل تشكّلت على مدى قرون كـ أسطورة إنسانية حية، جمعت بين الواقع والرمزية، بين البطولة والروحانية، حتى أصبحت في المخيال العربي نموذجًا يقف جنبًا إلى جنب مع أبرز الرموز الميثولوجية عبر التاريخ.الباحث والأكاديمي شاكر الغزي يرى أن شخصية الإمام علي (ع) تحوّلت في الذاكرة الشعبية إلى كيان يتجاوز الإنسان العادي، وقال في حديثه لـ “بصرة 365”:“الإمام علي لم يعد مجرد بطل تاريخي، بل أسطورة حقيقية رسختها الذاكرة الجمعية، فقد صوّرته الحكايات الشعبية واللوحات الفنية ممسكًا بسيفه ذي الفقار، وأسدٌ ضخم يربض تحت قدميه، في رمز بصري يحاكي شجاعته الاستثنائية.” ويرى الغزي أن الحضور الرمزي لعلي بن أبي طالب يوازي ما تمثله شخصيات مثل گلگامش وآخيل وهرقل، إذ كان بطلاً ميدانيًا حقيقيًا في معارك بدر وخيبر والخندق، لكن ما عزّز طابعه الأسطوري هو التحام القوة الجسدية بالحكمة الروحية.ويضيف:“الصورة البطولية طغت أحيانًا على جوانب أخرى من شخصية الإمام مثل علمه وفلسفته وزهده، رغم أن تلك الأبعاد الفكرية تشكل عمق شخصيته أكثر مما تفعل صورته كمجرد محارب”.من جانبه، يرى الأكاديمي مؤيد آل صوينيت أن علي بن أبي طالب (ع) يشكّل حالة تتجاوز التصنيفات التقليدية، وقال في تصريح لـ “بصرة 365”:“السؤال عن الإمام علي ليس سؤالًا طائفيًا أو دينيًا فقط، بل هو سؤال فلسفي في جوهره؛ لأنه يلامس البعد الإنساني والأخلاقي العميق”. ويضيف:“علي كان حقيقة بحجم الأسطورة، فهو ليس أسطورة خيالية صنعتها الذاكرة الشعبية، بل أسطورة واقعية صنعتها المعرفة والفعل الإنساني المتجاوز”.ويؤكد آل صوينيت أن الإمام علي ترك خلفه كنزًا معرفيًا وفلسفيًا وأخلاقيًا لا يخص طائفة بعينها، بل يمتد تأثيره إلى الوجدان الإنساني بمختلف أطيافه.وبينما يتفق الباحثان على أن الطابع الأسطوري لعلي بن أبي طالب هو نتاج جمعي ووجداني حقيقي، فإنهما يشددان على ضرورة عدم اختزال هذه الشخصية في صورة واحدة.فالإمام علي، كما يقول الغزي، هو:“أسطورة حقيقية تمشي على الأرض”. فيما يصفه آل صوينيت بأنه:“حالة معرفية تتقاطع فيها البطولة بالحكمة، ويجتمع فيها الإنسان مع المثال الأعلى”.