البصرة اليوم
قاد القوة البحرية العراقية لاجتياح الكويت ..مزاحم التميمي يروي تفاصيل لأول مرّة

في شهادة تاريخية تُبث لأول مرة، كشف العميد البحري الركن المتقاعد، مزاحم التميمي، الذي كان آمراً للواء البحري الأول في القوة البحرية العراقية وقت اجتياح الكويت عام 1990، تفاصيل دقيقة وغير مسبوقة حول العملية البحرية المعقدة التي استهدفت احتلال القاعدة البحرية الكويتية ومحاصرة المياه الإقليمية.
وأكد التميمي في لقاء تلفزيوني تابعته قناة البصرة BSR365 أن الأمر بتنفيذ هذه المهمة كان مفاجئاً له ولضباطه، ولم يكن متوقعاً قبل يوم أو يومين فقط من موعد الصفر.
وأوضح أن القوة البحرية العراقية في ذلك الوقت كانت قد خرجت لتوها من حرب السنوات الثماني مع إيران، وكانت “جراحاتها لا تزال غائرة”، مما يعني نقصاً في التجهيزات الحديثة والكافية لتعويض الخسائر التي لحقت بها.
وشدد على أنهم كقوة بحرية لم يكونوا يتوقعون الدخول في حرب برية أو مهمة هجومية بهذا الحجم في الكويت. كان الأمل معقوداً -بحسب التميمي- على أن التوترات المتصاعدة سيتم حلها عبر المسارات الدبلوماسية، مشيراً إلى أن مؤتمر جدة كان منعقداً وكان لديهم أمل في أن “تنحل المشكلة” سياسياً. هذا الاستبعاد للغزو كان سائداً حتى وقت قريب جداً من تنفيذه.
جاء الأمر المباشر -كما يروي العميد التميمي- من “السيد الرئيس القائد” في يوم الأربعاء، الأول من أغسطس 1990. تضمنت المهمة المحددة “اقتحام القاعدة البحرية في القليعة والسيطرة عليها ومحاصرة المياه الإقليمية الكويتية بحيث منع خروج أي سفن”.
ووصف التميمي لحظة تلقيه الأمر بـ “الصدمة”، لدرجة أنه تساءل عما إذا كانت الأوامر جدية، خاصة أنه لم يكن يعرف الموقع الدقيق للقاعدة البحرية الكويتية أو مقر قيادة القوة البحرية الكويتية في القليعة قبل تلقي المخططات.
واستُدعي العميد التميمي إلى مقر القيادة في أم قصر حوالي الساعة الواحدة ظهراً من يوم الأربعاء، وأُبلغ بالتحرك لتنفيذ الواجب في الساعة الثانية فجراً من اليوم التالي (يوم الخميس، الأول من أغسطس). قام بإعطاء الإنذار الأولي لقطاعاته عبر الهاتف. تحرك اللواء البحري الأول، الذي كان يعتبر “القوة الضاربة البحرية” آنذاك، بثلاث قطع بحرية رئيسية لتنفيذ المهمة: زورق صواريخ واحد وزورقين مدفعيين. لكن التحديات بدأت فوراً، حيث تعطل الزورق الصاروخي الوحيد الفعال في الطريق بسبب عطل في الرادار. ترك هذا العطل القوة مع الزورقين المدفعيين فقط، واللذين كانا -حسب شهادة التميمي- قد وصلا حديثاً وكانتا “تحت الكارنتي” (الضمان أو الصيانة) و”عاطلة” ولا يمكنهما الرمي. هذا يعني أن القوة أصبحت تفتقر إلى القوة النارية البحرية اللازمة لمثل هذه المهمة.
أما على صعيد الأفراد، فقد واجه اللواء نقصاً حاداً؛ كان من المخطط أن يصطحب التميمي قوة من المشاة البحرية قوامها حوالي 150 فرداً، لكن بسبب الاستعجال وضيق الوقت، لم يتمكن من حشد سوى 50 فرداً فقط، منهم حوالي 30 من المشاة البحرية، فيما كان 25 فرداً منهم معه على متن زورقه الخاص. لم يكن هؤلاء الأفراد أيضاً على علم بالوجهة النهائية للمهمة.
وخلال التقدم، تم رصد القوة العراقية من قبل سفن كويتية، ووفقاً للتميمي، “بدأ علينا قصف من الجانب الكويتي”. أكد التميمي أن الكويتيين ميزوهم كقوة عراقية بالتأكيد، وهو ما يفسر تعرضهم للقصف من قبل زورقين بحريين كويتيين كبيرين كانا في الموقع، أحدهما يُعرف باسم “السنبوك” والآخر “الاستقلال”.
ورغم هذه التحديات الجسيمة والأعطال التي لحقت بالقطع البحرية الأساسية، أكد التميمي أنهم واصلوا التحرك نحو القاعدة البحرية الكويتية في القليعة بهدف تنفيذ الأمر المباشر باقتحامها والسيطرة عليها.
وسيتم تفصيل أحداث الاقتحام وما تلاها في محاور لاحقة من اللقاء.