اخبار اخرى
“المدينة المفقودة”.. اكتشاف عالم غريب في أعماق المحيط الهادئ
![IMG 20250208 WA0045](https://bsr365tv.com/wp-content/uploads/cwv-webp-images/2025/02/IMG-20250208-WA0045.jpg.webp)
في أعماق المحيط الهادئ، وعلى بعد 700 متر تحت سطح البحر، حيث لا تصل أشعة الشمس ولا تصل أعين البشر، يكمن أحد أعظم أسرار الطبيعة: “المدينة المفقودة”.
هذا الاكتشاف المذهل، الذي تم الكشف عنه لأول مرة في عام 2000، يعد واحدًا من أكثر المواقع غموضًا وإثارة في تاريخ علوم البحار. تقع هذه المدينة الغريبة بالقرب من قمة جبل تحت الماء غرب المحيط الأطلسي، وتتميز بمناظر طبيعية خلابة تشبه عالمًا خياليًا، حيث تنتشر آلاف الأبراج الكربونية التي تتلألأ بألوان زرقاء شبحية.
المدينة المفقودة” ليست مجرد مشهد مذهل للعيون، بل هي أيضًا نظام بيئي فريد من نوعه. منذ اكتشافها، أصبحت معروفة بأنها واحدة من أكثر البيئات الحرارية استقرارًا في المحيطات، ولم يتم العثور على مكان مشابه لها في أي مكان آخر على كوكب الأرض. هذه المدينة الغامضة هي نتاج تفاعل مستمر بين الصخور العميقة ومياه البحر لأكثر من 120,000 عام، مما أدى إلى إطلاق غازات مثل الهيدروجين والميثان في أعماق المحيط.
ولكن ما يجعل هذا المكان أكثر إثارة هو الحياة التي تزدهر فيه رغم الظروف القاسية. ففي بيئة تصل حرارتها إلى 40 درجة مئوية، وتحتوي على أعمدة من الكبريت والمعادن، وفي غياب الأوكسجين تقريبًا، تعيش كائنات حية مذهلة. من الميكروبات النادرة إلى القشريات والحلزونات التي تتكيف مع الحياة في فتحات بركانية تحت الماء، هذه الكائنات تقدم لنا درسًا في الصمود والتكيف.
وقد أثار هذا النظام البيئي الغريب اهتمام العلماء ليس فقط لفهم الحياة على الأرض، ولكن أيضًا لفهم إمكانية وجود حياة في أماكن أخرى من الكون. يعتقد الباحثون أن “المدينة المفقودة” قد تكون نموذجًا محتملاً لكيفية نشوء الحياة على كواكب أخرى مثل “إنسيلادوس” و”يوروبا” التابعين لكوكبي زحل والمشتري، وحتى على المريخ في الماضي البعيد.
لكن هذه المدينة الساحرة تواجه خطرًا حقيقيًا. فمع منح حقوق التعدين في المياه العميقة حول الموقع، أصبحت “المدينة المفقودة” مهددة بالتدمير. وفي ظل هذه التحديات، يطالب العلماء بإدراج هذا الموقع الفريد ضمن قائمة التراث العالمي لحمايته من الاندثار.
لقد صمدت “المدينة المفقودة” لآلاف السنين كتذكار على قدرة الحياة على الازدهار في أصعب الظروف. ومع ذلك، قد نكون نحن، البشر، أول من يقضي عليها.