عن مفارقات المشهد العراقي المثقف الذي يرفض التملّق يُعاقب…والذي يزيّن الباطل يُكافأ

أكد الكاتب والمثقف العراقي فارس حرام وجود فجوة عميقة بين نوعين من المثقفين في المشهد العراقي والعربي عمومًا: الأول يمثل ضمير الجماعة البشرية التي ينتمي إليها، بينما الثاني لا يعدو أن يكون لسانًا دعائيًا يخدم من يملك السلطة أو النفوذ.

وقال حرام، في مقال تابعته بصرة365 إن المثقف الحقيقي يقوم بدور الضمير تمامًا، “ينتقد، ينبّه على الخطأ، يحذّر من الخطر، يشجع على الخير، يمدح الإنجاز، ويحتج عند وقوع الأخطاء الفادحة، حتى لو جَرَح بالكلام”. وأضاف: “إذا أردت أن تعرف لماذا يفعل ذلك، فاسأل أولًا: لماذا وُجِد الضمير أصلاً؟”

في المقابل، يرى حرام أن المثقف الدعائي يشبه إلى حد بعيد الجهاز الإعلامي للمؤسسات، حيث “ينفخ في الإيجابيات حتى لو كانت مؤقتة أو مفتعلة، ويهوّن الأخطاء حتى لو كانت خطيرة”، مضيفًا أنه يتقرب من المؤثرين حتى لو كانوا “فاسدين وقتلة”، ويخلط بين الحق والباطل تحت شعار “خير الجماعة” – هذا إن لم يكن الدافع الحقيقي، بحسب حرام، هو حفنة دنانير.

ويشير الكاتب إلى أن هذا النوع من المثقفين سرعان ما يرفع شعار: “جماعتي في خطر!”، لكنه لا يُخبر الناس أن هذا الخطر هو ذاته الذي دفع المثقف الضمير إلى الاحتجاج، بينما جعله هو يُجيد فنّ التملق والانحياز.

ويتابع حرام: “المثقف الضمير مغضوب عليه من الدولة، ومن المجتمع، ومن أولئك الخائفين من مواجهة أخطاء الماضي وخطر المستقبل، أما المثقف الدعائي، فتجده مرتاحًا في الحضور الرسمي والطائفي والإعلامي، يتغذّى على الأضواء لا على المواقف.”

ويختم حرام مقاله بإشارة لافتة إلى انقلاب المعايير، قائلًا:
“حتى المثل العراقي الأصيل: (امشِ ورا اللي يبچّيك، ولا تمشي ورا اللي يضحّكك)، انقلب مع الزمن، فصار المثقف الذي يُضحكنا هو المثقف الحقيقي في نظر البعض، حتى لو كانت ضحكته محشوة بالكلاوات وعبثية الحياة!”

ثم يطرح سؤاله الساخر: “شفت شلون؟”