تحقيقات
الأقدم في الزبير.. أبو علاء: خياطٌ يُحيكُ حكاياتِ الزمنِ على قماشِ الصايةِ
BSR365 علي هدار – حيدر الجزائري
في قضاءِ الزبيرِ غربَ البصرةِ، تقعُ دكانٌ صغيرةٌ، يُديرُها أبو علاء، الخياطُ الذي يُعدُّ أقدمَ خياطٍ في المنطقةِ. منذُ أكثر من نصف قرن، يُتقنُ أبو علاء فنَّ خياطةِ الصايةِ، تلكَ القطعةُ منَ التراثِ العربيِّ الأصيلِ، التي تُمثلُ رمزاً للوجاهة والكرمِ العراقي الأصيل.
يًصنعُ أبو علاءُ الصايةَ بكلِّ دقةٍ وصبرٍ، مستخدماً ماكنةَ الخياطةِ القديمةِ، ويدهِ التي تُجيدُ رسمَ الخطوطِ على القماشِ. يستغرقُ تفصيلُ وخياطةُ الصايةِ أربعةَ أيامٍ، تبدأُ بأخذِ قياساتِ الزبونِ، ثمَّ تفصيلِ القماشِ، ثمَّ خياطةِ السترةِ والصايةِ، وأخيراً كيّها.
يُقبلُ على خياطةِ الصايةِ زبائنُ من جميعِ أنحاءِ البصرةِ، خاصةً من شيوخِ العشائرِ. يُعدُّ أبو علاءُ الوحيدَ في الزبيرِ الذي يجيدُ خياطةَ هذهِ القطعةِ التراثيةِ، ممّا يجعلُهُ قبلةً للراغبينَ في الحصولِ على صايةٍ مُتقنةِ الصنعِ.
قناة BSR365 التقته لتروي رحلة قوامها إبرة وخيط:
منذ عام 1969، انخرط أبو علاء في هذه المهنة، حاملاً راية أسلافه من الخياطين، بدءًا من خياطة البنطلون في سبعينيات القرن الماضي، ليُتوجّه لاحقًا إلى خياطة “الصاية” التي تتطلب مهارات ودقة عالية.
الصاية: فنٌّ ودقة:
يُشير أبو علاء إلى أن تفصيل “قاط العرب” يتطلب جهدًا كبيرًا، خاصة في السترة التي تستغرق نحو أربعة أيام بعد أخذ قياسات الزبون، بينما تستغرق خياطة الصاية وحدها يومًا كاملاً.
زبائن من شيوخ البصرة:
يُقبل على خياطة أبو علاء شيوخ البصرة، خاصة من قضاء الزبير، ومركز العشار القرنة، وقضاء أبي الخصيب، كونه الوحيد في الزبير الذي يجيد خياطة هذه الملابس التراثية.
المكائن: من ألمانيا إلى اليابان:
مرّ أبو علاء بالعديد من المكائن عبر رحلته، بدءًا من “السنكر” الألمانية، و”تريزر” الإنكليزية، إلى “باف” الألمانية، و”ميستوبيشي” اليابانية، ليصل أخيرًا إلى المكائن الصينية ذات التصميم الياباني.
خليفة من الجيل الجديد:
يُساعد أبو علاء في محله ابنه حسن، الذي يُمثل الأمل في استمرارية هذه المهنة التي تتطلب صبرًا كبيرًا. ويأمل أن يكمل الجامعة ليتفرغ للعمل في المحل.
الصاية: تراثٌ لا يُنسى:
يُؤكد أبو علاء على إقبال الزبائن على خياطة “الصاية” خلال السنة، خاصة في فصلي الشتاء والصيف، بينما يزداد الطلب على الدشداشة في مواسم الأعياد.
زبائن من كبار الشخصيات:
يُفتخر أبو علاء بخياطة “الصاية” لكبار الشخصيات والشيوخ في الزبير، خاصة من عشيرة الصرافيين، وعشيرة الغزي، وبيت الديوان.
حكاية خياطٍ يُحافظ على تراثٍ عريق:
يُمثل أبو علاء نموذجًا للخياط الماهر الذي يُحافظ على تراث الأجداد، ويُقاوم تيارات العصرنة من خلال إبداعه في خياطة “الصاية” تلك الزيّ العربي الأصيل الذي يُجسّد هوية البصرة ورمزًا لصمودها عبر الزمن.
You must be logged in to post a commentLogin