العراق اليوم
جلود الأضاحي تدخل زمن الرقمنةمن نفايات منسية إلى ثروة وطنية

لم يعد مشهد التخلص من جلود الأضاحي في الجزائر خلال عيد الأضحى مقبولًا كما كان في السابق، فالمادة التي كانت تُعتبر عبئًا منزليًا بعد الذبح، بدأت تجد طريقها نحو المصانع من بوابة التكنولوجيا، وتحديدًا عبر تطبيقات ذكية تحوّل “الهيدورة” من نفايات مهملة إلى مورد اقتصادي واعد.
في قلب هذه الحملة، تتحرك وزارة الصناعة الجزائرية بالتنسيق مع وزارات الفلاحة، البيئة، الشؤون الدينية، التجارة، والداخلية، لإطلاق مبادرة وطنية بعنوان: “نضحي، نسلخ، نملح ونساهم بهيدورة تصلح”. الفكرة ليست جديدة كليًا، لكنها هذه المرة مُدعّمة بالرقمنة والتطبيقات الذكية.
هدى جعفري، المفتشة البيطرية وممثلة مجمّع “جيتاكس”، توضح في تصريح صحفي تابعته بصرة 365، أن الجهود بدأت من التوعية داخل الأحياء، حيث تم إرسال فرق ميدانية لتثقيف المواطنين بكيفية تجهيز الجلد بشكل صحيح، كي يكون صالحًا للاسترجاع. “لا نريد جلدًا مبللًا، ولا ملفوفًا بكيس أسود، هذه بيئة مثالية للتلف”، تقول جعفري، مؤكدة أن تمليح الجلد فورًا وتركه في مكان مرئي قرب السكن، يساعد في تسهيل عملية الجمع.
الرقم اللافت في هذا السياق هو 4 ملايين أضحية تم نحرها في الجزائر خلال عام 2023. ورغم هذا العدد الكبير، لم يكن يُستفاد من أكثر من 2% من الجلود قبل سنوات. أما اليوم، فتؤكد جعفري أن نسبة الاسترجاع بلغت 29% في 2024، وسط طموح لرفعها إلى 40% هذا العام، بعد أن تم جمع نحو 500 ألف جلد صالح في الموسم الماضي.
وفي قلب الحملة، يبرز تطبيقان ذكيان:
الأول “مريغل هيدورة”، يُتيح للمواطنين معرفة أقرب نقطة جمع.
والثاني “مستفيد”، يُمكّن الأسر من تحديد مكان الجلد عبر التطبيق، لتصل إليه فرق الجمع المعتمدة.
إسماعيل كحلوش، مسؤول تطبيق “مستفيد”، يرى أن التكنولوجيا هي السبيل الوحيد لتنظيم هذه العملية الموسمية التي تشهد فوضى سنوية. ويضيف: “ما لم يُنظم رقميًا يُهدر بيئيًا واقتصاديًا. التطبيق يربط بين ثلاثة أطراف: المواطنين، فرق الجمع، وشركات إعادة التدوير”.
الجلود المسترجعة تُرسل إلى مصانع “جيتاكس”، التي تعمل على تحويلها إلى منتجات جلدية أو مواد أولية لصناعة الأسمدة العضوية، حيث تُعد الشركة امتدادًا لعلامتي “سونيتاك” و”سونيتاكس” اللتين توقفتا بعد فتح السوق أمام الاستيراد الرخيص.
لكن الرؤية الجديدة مختلفة؛ فـ”جيتاكس” اليوم تُراهن على الشراكة مع مستثمرين دوليين، من بينهم شريك إيطالي، وتخطط لافتتاح 5 مصانع قبل نهاية هذا العام، و10 مصانع أخرى خلال السنة المقبلة، ما يُمهّد لبعث صناعة جلدية محلية تنطلق من أبسط ما يمكن تخيله: جلد أضحية يُرمى في الشارع.