الثقافة والفن
الحسين أعلنها ثورة على الحاكمقراءات متعددة تكشف الغايات السياسية والثقافية والدينية للنهضة الحسينية

نظّم اتحاد الأدباء في محافظة البصرة، اليوم السبت، جلسة ثقافية تناولت تفسيرات الثورة الحسينية، بحضور عدد من الأكاديميين والمثقفين، قدّم خلالها الأستاذ الدكتور جواد كاظم نصرالله من كلية الآداب في جامعة البصرة محاضرة علمية ناقشت القراءات المختلفة للثورة وأسباب تنوّعها.
وقال نصرالله في تصريح لـ بصرة 365، إن “تعدّد التفسيرات حول ثورة الإمام الحسين عليه السلام يعود إلى الأثر العميق الذي تركته في النفوس، وتباين المرجعيات الفكرية والعقائدية للمؤرخين والباحثين”، موضحًا أن “كل قراءة انطلقت من خلفية فكرية أو مذهبية أو زمنية مختلفة، فجاءت النتائج متباينة، وبعضها مدفوع بأهداف سياسية أو تأويلات فردية لا تستند إلى مصادر دقيقة”.
وأشار إلى أن “المؤرخ ذاته يحمل مسبقات فكرية تؤثر على قراءته للحدث، ولهذا فإن بعض المصادر القديمة مثل تاريخ الطبري، وكتاب مقتل الحسين للخوارزمي، وكتابات ابن طاووس الحلّي، تتضمّن روايات بحاجة إلى مراجعة وتمييز بين الثابت والمتناقل”.
وأكد نصرالله أن اللحظة الأولى للثورة بدأت عندما رفض الإمام الحسين عليه السلام مبايعة يزيد، معلنًا بذلك موقفًا صريحًا ضد شرعية الحاكم، في قولته الشهيرة: “إن مثلي لا يبايع مثله”، وهو ما يُعد إعلانًا للثورة منذ اللحظة الأولى.
من جانبه، قال الباحث والأكاديمي ضياء نجم الأسدي في تصريح خاص لـ بصرة 365، إن “محاضرة نصرالله كانت غنيّة وموفّقة، وقدّمت استعراضًا جادًا لمجموعة من النظريات التفسيرية للثورة الحسينية”، مضيفًا أن “قضية الإمام الحسين ليست حكرًا على طائفة أو مذهب، بل هي قضية إنسانية تخص كل من يؤمن بالعدالة والحرية ورفض الظلم والاستبداد”.
وأشار الأسدي إلى أن “استحضار القراءات المتعددة يغني النقاش، ولا يجب اقتصار الحديث على نمط واحد من الفهم أو الطرح”، داعيًا إلى تكرار مثل هذه الندوات التي تُسهم في إحياء الفكر النقدي والتأمل في الأحداث التاريخية الكبرى.
من جهته، قال الكاتب محمد الحساني من المجلس الثقافي الكسنزاني العالمي، إن “جلسة اليوم كانت مهمة لأنها سلّطت الضوء على مفصل حساس من التاريخ الإسلامي”، موضحًا أن “المداخلات ناقشت دوافع الثورة وأثرها، سواء من أنصار الإمام أو من خصومه، مع تفاعل لافت من الحاضرين في تفسير أسباب الخروج ومآلاته”.
وخُتمت الجلسة بتأكيد المشاركين على أهمية استمرارية مثل هذه اللقاءات الحوارية، التي تعيد قراءة الإرث الحسيني بعيدًا عن الجمود، وتفتح المجال أمام التعدّد الفكري والمراجعة التاريخية الرصينة.