خاص بصرة 365
قصة زينب البصرية..صدمة الطائفية والهجرة ثم الانفصالوالطموح: هكذا عشت حياتي

بين نيران الطائفية وآلام الفقد والتشريد، وبين الأمومة المبكرة والزواج القسري، تشق زينب قحطان عدنان الأمير طريقها نحو النور، رافضة أن تكون ضحية للماضي أو أسيرة لعادات تحاصر الطموح.
رحلة زينب لم تكن سهلة، فقد بدأت مآسيها عام 2006، حين اغتيل والدها أثناء أحداث الطائفية، مما اضطر العائلة للنزوح من البصرة إلى بيجي ثم الموصل، قبل أن تعود مجددًا إلى البصرة، في عام 2014، حاولت الهجرة إلى الخارج عبر الأردن، لكن المشكلات الأسرية حالت دون إتمام تلك الخطوة.
تقول زينب في حديثها لـ “بصرة 365”: “عشنا حياتنا في الماضي بكل ما فيها من حلو ومرّ، من خيبات وأمل، وما زال البعض يعيش في نفس الدائرة التي كنا فيها، محاطين بقيود الماضي وتفاصيله المؤلمة، لكنّي أتمنى من كل قلبي أن يخرج هؤلاء الأشخاص من تلك الدائرة المغلقة، أن يهربوا من واقع أنهكهم، ويتعرّفوا على أناس إيجابيين يضيئون لهم طريقًا مختلفًا”.
وتضيف: “ليس المطلوب من الهروب أن نتنكر لعاداتنا وتقاليدنا، بل أن نملك الشجاعة لنغيّر ما يجب تغييره، أن لا نبقى في حالة وسطية بجراح الماضي”.
زينب البالغة من العمر 36 عامًا، تستذكر رحلة حياتها الشاقة قائلة: “عشتُ تجربة زواج قاسية انتهت بالانفصال، وتحملت مسؤولية تربية ابنتَيّ في عمرٍ مبكر، لكني أصررت أن أراهما في أفضل حال، واستطعت أن احقق لهما حياة كريمة، وأن أجعلهما يكملان الدراسة الإعدادية، وأطمح لأن أراهما أفضل مني، وأحاول أن أعمل صباحًا وعصرًا، حتى أستطيع توفير مصاريفهما الدراسية، لابتعاد والدهما عنهما”.
وتشير إلى أنها “تسكن مع والدتها في بيتها المستأجَر، وهي موظفة ووضعها جيد”، لافتة إلى أن “أهم أمنياتي في الحياة أن أرى ابنتيّ خريجتين، موظفتين، وتعيشان حياة مستقرة على الصعيدين العائلي والأمني، وأطمح دائمًا إلى أن أراهما في أحسن حال”.
وتتابع زينب: “عشنا تحت وطأة عادات وتقاليد قديمة، فرضتها الأعراف والعشائر، وكانت تقيدنا بأفكار مثل هذا عيب وذاك حرام، وتفرض على المرأة أن تتحمل كل شيء في بيتها وزواجها، مهما كان مؤلمًا، لكننا وصلنا إلى مفترق طرق، وكان لا بد من إنهاء هذه الحياة. أنهيناها، لكن لم تكن البداية سهلة، بل كانت مليئة بالصعوبات والتحديات، قضيت معها ليالٍ طويلة أبكي فيها على وسادتي”.
وتوضح أن “تلك المرحلة أخذت سنوات من عمري، لكنها مضت، واليوم وضعي أفضل بكثير، كانت تجربة الزواج بالنسبة لي فاشلة، ولا أفكر بتكرارها أبدًا، الآن أفكر في الدراسة، وبدأت فعلًا بالدراسة الخارجية ونجحت، ولديّ نية قوية للالتحاق بالدراسة الجامعية المسائية، التي ستتزامن مع دراسة ابنتيّ، وأنا واثقة أن مستقبلي سيكون أفضل من الماضي”.
نجحت زينب في الثالث المتوسط عن طريق الامتحان الخارجي، وتنوي التقدم للامتحان الخارجي للدراسة المهنية، لأنها وجدت أن القسمين العلمي والأدبي غير مناسبين لطبيعة ظروفها.
“عمري الآن 36 عامًا، لكن هذا لا يعني أن حياتي قد توقفت، فأنا أحب السفر والعمل والتعرف على الناس”، تؤكد زينب: “بدأت أحيط نفسي بأشخاص إيجابيين، وكونت علاقات طيبة مع صديقات يحملن نفس الروح والطاقة، وأحاول أن أركّز كل جهدي في هذه المرحلة على ابنتيّ، وعلى حياتي وعملي، أحب أن أكون مكتفية ماديًا، ولم أتمنَّ يومًا أن أمدّ يدي لأحد”.
ولمن يقول: “أنا كبرت، والعمر توقف”، تقول زينب له ناصحة: “أنت مخطئ. العمر لا يتوقف، وأنا في السادسة والثلاثين من عمري، لكنني أريد أن أكمل دراستي، وأعمل، وأطور نفسي، وأثبت أن البداية ممكنة في أي وقت”.