البصرة اليوم
الذهب الأخضر..زراعة الحناء تعود للحياة في الفاو

قناة البصرة BSR365 – خاص
كأنها تستيقظ من غيبوبة طويلة فرضتها عليها الحروب والمد الملحي، تبدأ حقول الحناء في قضاء الفاو جنوب البصرة بالعودة للحياة، حيث يزرع أهلها كمن يزرع الذكريات والأمل، ليحيوا من جديد إرثاً كان مصدر فخرهم.
الفلاح موسى يعقوب عبدالله يقف وسط حقله ويتحدث لقناة البصرة 365 بفخر عن المهنة التي ورثها عن آبائه وأجداده: “هذه الحناء التي نزرعها هي إرث آبائنا وأجدادنا من قبل وليس لدينا عمل آخر سوى الزراعة والقيعان”.
تتميز حناء الفاو عن غيرها بجودة الصبغة وحجم الأوراق الكبيرة، وهو ما جعلها مطلوبة في الأسواق المحلية والخليجية. يستذكر موسى الأيام الذهبية للمنطقة: “في عام 1960 كلما ازداد عدد السكان في المنطقة أكملوا أرضاً وزرعوها بالحناء، وفي السبعينيات تم الإكثار من زراعة الحناء”.
لكن الحرب العراقية الإيرانية غيرت كل شيء. يقول موسى: “بعد الحرب وبعد أن ابتعدنا عن مناطقنا تغيرت ملامح الأرض كثيراً وخسرنا الكثير، هذه التي ترونها الآن أراضٍ جديدة وإن كانت من قبل مليئة بالنخل الكثير”.
عاد المزارعون إلى أراضيهم عام 2000 وبدأوا من جديد. تزرع الحناء على مسافات محددة فيما يسمى “الصگل” بمسافة شبر، وتحتاج إلى شهر ونصف لتنمو أوراقها. بعد زراعة الحناء تأتي مرحلة خراطة الحناء، حيث يقوم بها النساء في البيت إذا كان لديهم نساء، وعند غيابهن، تأتي نساء من القرية للمشاركة في القطف مقابل نصيب من المحصول.
يمتد موسم الحصاد من الشهر الرابع حتى العاشر، وهي أكثر أيام حصاد الحناء حين تكون الحناء جميلة جداً. يباع كيلو الأوراق بـ8000 دينار أما بعد الطحن فيختلف ويصل الكيلو حتى 20000 دينار. تصدر الحناء إلى المحافظات العراقية والدول الخليجية وخاصة الكويت والإمارات.
في منطقة تفتقر لفرص العمل المتنوعة، تبقى الزراعة الملجأ الوحيد لأهالي المنطقة، حيث يؤجر بعضهم الأرض ويأخذ قسماً مما تنتجه، فيما يزرع آخرون أراضيهم بأنفسهم.
رغم التحديات التي تواجه زراعة الحناء اليوم، من ارتفاع ملوحة المياه وقلة الدعم، يواصل مزارعو الفاو محاولاتهم لإحياء هذا التراث الزراعي الذي يحمل ذكريات الماضي وآمال المستقبل.






















