هل تعرفون عبود أبو الچاي.. ركـام الرمـاد أغـلى من الذهـب:شاب ينشر ثقافة البصريين

يجسّد الإصرار قدرة الإنسان على تحويل أبسط الأحلام إلى واقع مؤثر في المجتمع. وما قصة تحول بسطة شاي متواضعة إلى صرحين ثقافيين – “مقهى البصرة القديمة” و”مقهى الرصيف الثقافي” – إلا دليل على أن المثابرة تصنع المعجزات.

عندما ترك عبد الله شهاب مقاعد الدراسة في الصف السادس، لم يكن يدرك أن الحياة تخبئ له مساراً مختلفاً. بدأ رحلته في مطعم بسيط، ثم تحول إلى بائع شاي ولبلبي على بسطة صغيرة، يواجه قسوة البرد وتحديات الحياة. ورغم محاولات صديقه المستمرة لإقناعه بالانضمام إلى شركات التسويق الشبكي، ظل متمسكاً بحلمه المختلف.

كان حلم عبد الله يتجاوز فكرة المقهى التقليدي؛ إذ تخيل مساحة تجمع بين الراحة النفسية والإثراء الفكري. وخلال عمله في مقهى صغير، لاحظ كيف تطغى الضوضاء ولعب الدومينو على المكان، فعزم على تأسيس مكان مختلف – واحة للقراءة والحوار الهادئ.

بفضل تضافر جهود أصدقائه المخلصين – بين جالبٍ للمواد وحرفيٍّ في اللحام والنجارة – تحول الحلم إلى حقيقة في منطقة الجبيلة. أطلق على مقهاه اسم “الرصيف الثقافي”، ليصبح منارة تستقطب نخبة المثقفين والكتّاب والفنانين.

حتى حين التهمت النيران مقهاه، واجه المحنة بثبات أذهل مَن حوله، حتى سائق سيارة الأجرة نفسه. كان إيمانه راسخاً بأن العلاقات الإنسانية هي الثروة الحقيقية التي لا يمكن تعويضها. وبالفعل، توسع حلمه إلى مقهى آخر في البصرة القديمة يحمل الأهداف ذاتها.

اليوم، يعتز عبد الله بأن أعظم إنجازاته ليست المقاهي التي يمتلكها، بل الصداقات التي نسجها. يؤمن بأن ثمار الحياة لا تُقاس بالمال وحده، بل بعمق العلاقات الإنسانية وأصالتها. يختصر فلسفته في الحياة برسالة بسيطة وعميقة: “الإصرار يحقق المستحيل.”