ذوبان الأنهار الجليدية..تهديد وشيك لأمن المياه في آسيا الوسطى

على ارتفاع يناهز 4000 متر فوق سطح البحر في قرغيزستان، تقف العالمة غولبارا أوموروفا أمام كومة من الحطام الصخري في موقع كان يوماً نهراً جليدياً مهيباً. هذا المشهد يجسد التحدي الكبير الذي تواجهه آسيا الوسطى: ذوبان الأنهار الجليدية الذي يهدد المنطقة بأكملها.

تعد الأنهار الجليدية بمثابة خزانات مياه حيوية للأمن الغذائي في المنطقة، إذ تغذي الأنهار خاصة خلال مواسم الجفاف. لكن هذه المصادر الثمينة للمياه العذبة تتضاءل بشكل متسارع في هذه المنطقة القاحلة البعيدة عن البحار.

تقول أوموروفا، البالغة من العمر 35 عاماً: “نرصد معدلات الذوبان في مختلف الأنهار باستخدام أجهزتنا. للأسف، لم تعد الأنهار الجليدية قادرة على التعافي بسبب ارتفاع درجات الحرارة”. وتشير إلى نهر أديجين الجليدي كمثال، حيث انحسرت مساحته بمعدل 16 متراً سنوياً، أي أكثر من 900 متر منذ ستينيات القرن الماضي.

هذا الوضع يعكس اتجاهاً إقليمياً مقلقاً، حيث ذاب ما بين 14% و30% من الأنهار الجليدية في سلسلتي جبال تيان شان وبامير خلال الستين عاماً الماضية، وفقاً لبنك التنمية الأوراسي.

تحذر أوموروفا من تسارع وتيرة الذوبان، خاصة مع توقعات أن يكون عام 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق. لكن الموارد المتاحة في قرغيزستان، إحدى أفقر جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، غير كافية لمواجهة هذا التحدي.

يشكل ذوبان الأنهار الجليدية خطراً مزدوجاً: فمن جهة، يهدد بنضوب مصادر المياه العذبة، ومن جهة أخرى، قد يؤدي إلى فيضانات مدمرة. يقوم فريق من العلماء بمراقبة هذه المخاطر، حيث يقول سيرغي، أحد أفراد الفريق: “عندما تذوب الأنهار الجليدية، تتشكل بحيرات قد تفيض. هذه الكتل المائية تحمل معها الصخور وقد تصل إلى المدن”.

على الصعيد الإقليمي، يظل توزيع المياه في آسيا الوسطى قضية شائكة. تتركز موارد المياه في قرغيزستان وطاجيكستان، بينما تعاني الدول المجاورة من العطش. هذا الوضع يستدعي تعاوناً إقليمياً وثيقاً لضمان الأمن المائي للجميع.

في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة الملحة إلى تكثيف الجهود لحماية الأنهار الجليدية وإدارة الموارد المائية بحكمة. فمستقبل المنطقة بأكملها يعتمد على كيفية التعامل مع هذه الأزمة البيئية المتفاقمة.