السياسة
“النجف تتقن حياكة ما هو أصعب من السجاد”كاتب لبناني: دور المرجعية يتجاوز الجغرافيا، ولا يتجاوز الأوطان

رصدت بصرة 365 مقالًا نشره الكاتب اللبناني “مصطفى فحص” في صحيفة الشرق الأوسط، سلّط فيه الضوء على الدور الروحي والسياسي العميق للمرجعية الدينية العليا في النجف، ممثلةً بآية الله العظمى السيد علي السيستاني، خلال التوتر الإقليمي الأخير بين إيران وإسرائيل.
وأكد فحص أن النجف، ورغم ابتعادها التقليدي عن مركزية الحكم، إلا أنها في لحظات الضرورة تظهر “حاكميتها وحكمتها”، وتؤدي دورًا يتجاوز أشكال السلطة المعتادة، فهي الوحيدة القادرة على “كبح جماح المستعلين”، واحتواء آثار الهزائم والانكسارات، بما تملكه من ثقل روحي وتأثير مجتمعي عابر للحدود.
وتوقّف الكاتب عند بيان المرجعية العليا خلال التهديد الإسرائيلي باغتيال المرشد الإيراني، واصفًا إياه بأنه “أحد العوامل الأساسية في كبح الرعونة الإسرائيلية”، مشيرًا إلى أن تحذير السيستاني من أن “مثل هذا العمل ستكون له تبعات بالغة الخطورة على المنطقة بأسرها” كان له وقع كبير في دوائر صنع القرار.
وأضاف فحص أن هذا البيان حمل في ظاهره رسائل موجهة للطائفة الشيعية بأن المرجعية لن تسمح باستهداف أحد مراجع الدين، حتى لو لم يكن من أتباعها، فيما حمل في باطنه رسالة أعمق تشير إلى أن “عباءة النجف” تظلّل الجميع، وأنها المرجعية الأوسع روحًا وتأثيرًا من المشروع العقائدي التوسعي الذي تقوده حوزة قم.
واعتبر الكاتب أن مرجعية النجف حافظت على حيويتها الفقهية وتعددها، على عكس ما تعانيه المؤسسة الدينية في طهران من انغلاق وانكماش بسبب سلطة ولاية الفقيه، التي تواجه تحديات متصاعدة، خصوصًا مع غياب البدائل للقيادة الحالية.
“موسم الهجرة إلى النجف”
وأشار فحص إلى أن النجف باتت اليوم مقصدًا ليس فقط للإيرانيين، بل أيضًا للعراقيين واللبنانيين الشيعة، الباحثين عن مرجعية لا تتورط في الثنائيات السياسية أو تبرر العنف، بل تطرح مشروعًا شيعيًا وطنيًا متصالحًا مع الدولة وفكرة المواطنة.
وفي ختام مقاله، كتب مصطفى فحص جملة وُصفت بأنها خلاصة موقف المرجعية:
“النجف، في حلّها وترحالها، في مدارسها وسراديبها، بسلطان رأيها وصمتها، تتقن حياكة ما هو أصعب من السجاد. تمسك بدورٍ أوسع من الجغرافيا، ولكن لا يتجاوز الأوطان.”


















