البصرة اليوم
تقويس عذوق النخيل:سباق “الدلاوة” مع الزمن لضمان المحصول

قناة البصرة BSR365 – خاص
مع اقتراب النصف الثاني من شهر حزيران، يسابق مزارعو النخيل في البصرة الزمن لإنجاز عملية حاسمة تُحدد مصير محصولهم لهذا العام. إنها عملية تقويس العذوق التي تتطلب دقة في التوقيت وخبرة في التنفيذ، وأي تأخير فيها قد يكلف المزارعين خسائر فادحة في الإنتاج.
إنذار مبكر: النافذة الزمنية تنغلق تدريجياً
في جولة ميدانية لقناة “بصرة 365” في بساتين شمال المحافظة، يبدو القلق واضحاً على وجوه المزارعين الذين يعملون بوتيرة مكثفة لإنجاز عملية “الدلاوة” قبل فوات الأوان. هذه الممارسة الزراعية المتوارثة، التي تهدف إلى توزيع أحمال النخلة وتحسين جودة التمور، تواجه تحدي الوقت الضيق.
تحذير من عواقب التأخير
يحذر المزارع محمد رضا عودة في حديثه لقناة “بصرة 365” من خطورة التأخير في تنفيذ الدلاوة، مؤكداً أن العملية يجب أن تكتمل خلال الأسابيع القليلة المتبقية من الشهر الجاري. “التوقيت هو كل شيء في هذه المهنة”، يقول عودة، “والتأخير يعني خسارة محققة للمحصول”.
يوضح عودة أن موسم الدلاوة الحالي بدأ في شهر أيار واستمر حتى الآن، حيث يتم ثني العذوق في مرحلة “الچمري” – المرحلة الحرجة التي تسبق نضج التمر – ووضعها بحذر على السعف. “كل يوم تأخير يقلل من فرص نجاح العملية”، يضيف المزارع بقلق واضح.
لماذا هذه العجلة؟ العلم وراء التوقيت الحرج
تكمن خطورة التأخير في طبيعة نمو العذوق نفسها. فبمرور الوقت، تفقد عراجين النخيل مرونتها التي تسمح بثنيها دون كسر. المزارع يعقوب يوسف يشرح هذه النقطة الحاسمة: “الآن العرجون لين ومرن، لكن بعد أسبوعين سيصبح صلباً وأي محاولة لثنيه ستؤدي إلى كسره”.
هذا التحول الطبيعي يجعل النافذة الزمنية للدلاوة ضيقة جداً، مما يضع المزارعين تحت ضغط هائل لإنجاز المهمة في الوقت المحدد.
فوائد لا تحتمل التأجيل
رغم ضغط الوقت، تحقق عملية الدلاوة فوائد حيوية لا يمكن تجاهلها:
منع الخسائر المحتملة: توزع العملية ثقل العذوق على كامل النخلة، مما يمنع انكسار الأغصان تحت الوزن الثقيل للثمار الناضجة.
ضمان الجودة العالية: تخفيف الحمل الزائد يؤدي إلى زيادة حجم الحبات وتحسين نوعيتها، مما يرفع القيمة السوقية للمحصول.
تسهيل الحصاد المستقبلي: العذوق المقوسة تصبح أسهل في القطف والجمع، مما يوفر الوقت والجهد أثناء موسم الحصاد.
الطريقة البصرية: سرعة وإتقان
يتميز مزارعو البصرة بطريقتهم السريعة في الدلاوة، حيث يربطون العذوق مباشرة بالسعف دون استخدام دعامات خشبية كما يحدث في محافظات أخرى. هذه الطريقة ليست فقط أسرع في التنفيذ – وهو أمر حاسم في ظل ضيق الوقت – بل تضفي أيضاً جمالية مميزة على النخلة.
التحدي الاقتصادي في ظل ضغط الوقت
رغم الحاجة الماسة لإنجاز العملية بسرعة، تتطلب الدلاوة عمالة إضافية مكلفة، خاصة في البساتين الكبيرة. هذا الضغط المزدوج – الوقتي والمالي – يضع المزارعين أمام تحدٍ حقيقي، لكنهم يدركون أن عدم القيام بالدلاوة سيكلفهم أكثر بكثير من تكلفة تنفيذها.
دعوة للإسراع: الأيام القليلة المتبقية
مع بقاء أسابيع قليلة فقط من الوقت المناسب للدلاوة، يدعو المزارعون المختصون في المنطقة إلى الإسراع في إنجاز العملية. “من لم ينجز الدلاوة بعد، عليه أن يبدأ فوراً”، يؤكد يوسف، “لأن كل يوم تأخير يقلل من فرص النجاح”.
خاتمة: حكمة مقرونة بالسرعة
في هذا السباق مع الزمن، تتجلى حكمة المزارع البصري الذي يعرف متى يتصرف بسرعة ودقة. عملية الدلاوة ليست مجرد ممارسة تقليدية، بل استثمار في مستقبل المحصول يتطلب اتخاذ القرار في الوقت المناسب. والوقت المناسب هو الآن، قبل أن تنغلق نافذة الفرصة نهائياً.