البصرة اليوم
من اليابان إلى البصرة..هل تنقذ “المانجا” القراءة؟

قناة البصرة BSR365 – خاص
بين أروقة المكتبات العريقة في البصرة وشاشات الهواتف الذكية التي غزت كل بيت، تشهد عادات القراءة العراقية تحولاً جذرياً. فيما يتشبث الجيل الأكبر بقدسية الكتاب الورقي ومكانته الثقافية، يبحث الشباب عن صيغ جديدة للمحتوى تواكب إيقاع العصر الرقمي المتسارع.
جيل الورق: “الكتاب إرث.. والهاتف يزول”
جاسم محمد، القارئ المخضرم وصاحب إحدى مكتبات البصرة العامرة، لا يخفي قلقه من تراجع الإقبال على الكتب. “الناس صاروا يسألونني: أنت ما زلت تشتري كتباً؟ الهاتف فيه كل شيء”، يحكي جاسم لقناة البصرة BSR365 بنبرة تحمل الأسف.
يرى جاسم في انتشار الهواتف الذكية السبب الرئيسي وراء هذا التراجع، مؤكداً أن “الهاتف لا يثبت، يتغير وقد ينمحي، لكن الكتاب إرث يتوارثه الأجيال”. بالنسبة له، الكتب “ثروة حقيقية” تقاوم الزمن وتحافظ على قيمتها.
لكن جاسم لا يرفض التطور التكنولوجي كلياً، بل يدعو إلى التوازن: “القراءة الرقمية مقبولة، لكن لا يجب التخلي عن المكتبة الورقية. لكل منهما مكانه ودوره في حياة القارئ”.
جيل المانجا: “نريد جذب الشباب للقراءة”
على الضفة الأخرى، يقف علي حسين يوسف، ابن صاحب مكتبة والمؤلف الشاب، ليقدم رؤية مختلفة تماماً. يلاحظ علي أن العطلة الصيفية تشهد إقبالاً ملحوظاً على الروايات وكتب التنمية الذاتية، فيما تقتصر كتب العلوم على الطلب الأكاديمي.
الجديد في حديث علي هو إشارته إلى الشعبية المتنامية لـ”المانجا” – القصص المصورة اليابانية – التي يراها “الأنسب للصيف وما بعد انتهاء الدراسة”. هذه الملاحظة دفعته لوضع خطة طموحة: ترجمة المانجا اليابانية الأصلية إلى العربية وإنتاجها محلياً بأسعار منافسة.
“المانجا نادرة في البصرة، وأريد توفيرها بأسعار أقل من المستوردة”، يشرح علي هدفه الذي يتجاوز الربح التجاري إلى “تشجيع الشباب على ترك الهواتف والعودة للكتب، وحماية أعينهم وأجسامهم من التأثيرات السلبية للشاشات”.
بخصوص الأسعار، يؤكد علي أن الكتب المنهجية شهدت ارتفاعاً، بينما استقرت أسعار الروايات العربية والإنجليزية عند مستويات معقولة.
صاحب مكتبة يشخّص الأزمة: “عزوف تام وبحث عن المتعة السريعة”
بدر خميس، صاحب “دار ومكتبة الفكر المعاصر”، يقدم التشخيص الأكثر صراحة وقتامة. “ليس تراجعاً، بل عزوف تام عن الكتاب”، يقول بدر مقارناً الوضع الحالي بالماضي حين كان الإقبال على القراءة يتجاوز 70%.
يحدد بدر الفئة العمرية الأكثر تأثراً: الشباب بين 14 و30 عاماً، الذين كانوا يمثلون العمود الفقري لسوق الكتاب. “اليوم يتجهون حصرياً نحو الروايات وكتب التنمية الذاتية، ويتجنبون الفلسفة والتاريخ”، يشرح لقناة البصرة BSR365.
يفسر بدر هذا التحول برغبة الجيل الجديد في “السهولة والابتعاد عن التعقيد”. “لا يريدون إرهاق أنفسهم بماضٍ انتهى، بل يبحثون عن المتعة والفائدة السريعة”. الروايات، من وجهة نظره، تمثل “وسيلة هروب من الواقع” أكثر من كونها أداة معرفة حقيقية.
رغم محاولة بدر تنويع مكتبته لتشمل كافة التوجهات الفكرية، يعترف بأن السوق تحكمه اليوم قواعد المتعة الفورية والاستهلاك السريع للمحتوى.
الخلاصة
بين تمسك الجيل الأكبر بالكتاب الورقي ومحاولات الشباب إيجاد بدائل جاذبة كالمانجا، يبقى التحدي قائماً: كيف نحافظ على القراءة في عصر الشاشات؟ الحل قد يكمن في الموازنة بين الأصالة والحداثة، والبحث عن أشكال جديدة تجذب الأجيال الناشئة للكتب مجدداً.



