خاص بصرة 365
المجبرجي.. عندما تتحول المهارة إلى إرث عائلي

قناة البصرة BSR365 – خاص
يتكئ الحاج علي عباس، المعروف بأبي حسين، على وسادة قديمة منقوشة يدوياً، يستريح قليلاً بين مريض وآخر. عيناه المتعبتان تحكيان سنوات من الممارسة والمشاهدة، وأصابعه المتجعدة تختزن ذاكرة لمسات تنقلت على أجساد الباحثين عن العلاج. يمارس أبو حسين مهنة “التجبير” التي يصفها بأنها إرث العائلة.ما زال هذا الرجل، واسمه الكامل علي عباس عبد الله علي السالم، يواصل ممارسة هذه الطريقة العلاجية التقليدية التي يذكر أنها توارثتها الأجيال في عائلته منذ عقود، وتحديداً منذ ما قبل ستينيات القرن الماضي. تلك الأصابع التي تلتقط الوسادة بحذر هي نفسها التي يقدم من خلالها علاجاً يراه بديلاً للممارسات الطبية الحديثة، متنقلاً بين دوره كممارس تقليدي وملاحظ للتحولات الاجتماعية.في حديث خاص لقناة البصرة 365، يمسك أبو حسين بزجاجة صغيرة تحوي زيتاً عشبياً، وكأنما يستعد لجلسة علاجية أخرى. قال إن أسلوبه اليدوي يتضمن التدليك بهذه الزيوت وتطبيق كاسات الهواء بالنار، أو ما يُعرف بالحجامة. “لا أعتمد على الأدوية أو الإبر أو الأشعة أو الرنين المغناطيسي”، يقول، معتبراً أن ما يمارسه “نعمة” خاصة تمكنه من تشخيص المشكلات وعلاجها، وهي بالنسبة له ليست مجرد مهارة اكتسبها، بل “هبة” تميزه.وأشار خلال حديثه إلى تنوع الحالات التي يستقبلها، ومن بينها ما يطلق عليه “الوثب” أو “الخيارة”، حالات عصبية يرى أنها قد تُشخص خطأً في الطب الحديث. “الأطباء يصفونها بمشكلات في الفقرات أو الألياف، لكنها حالة نقوم بتعديلها فيشعر المريض بالراحة”، هكذا أوضح مستذكراً زواره الذين قدموا من مسافات بعيدة – امرأة لبنانية كانت حالتها تستدعي جراحة حسب قوله، ومريض ألماني عانى من ألم مزمن في الكتف، وطبيبة أسنان يذكر أنه عالج رقبتها سريعاً. وأضاف أن بعض الأطباء أنفسهم قصدوا عيادته طلباً للعلاج، وفق روايته.رفع أبو حسين صورة قديمة معلقة على الجدار، مشيراً إليها بفخر. “هذا والدي، توفي عام 1983″، قال متذكراً، “كنت أرافقه منذ صغري، حتى قبل عام 1975”. وأوضح أن تلك اللحظات المبكرة من حياته شكلت بداية تعلمه لمهنة يؤكد أنها “وراثة” حرص على نقلها إلى أبنائه محمود ومجتبى. وأضاف أن التعليم لم يقتصر على الذكور فقط، فبناته وزوجاته أيضاً تعلمن الأساليب ذاتها، في مسعى لضمان استمرارية هذا التقليد العائلي.”ما يقدر عليه الناس”، بهذه العبارة يلخص أبو حسين فلسفته في تقاضي المقابل المادي لخدماته. “أنا لا أُجبر الناس على دفع مبلغ محدد، بل ما يستطيعون تقديمه”، أوضح كيف تمكن خلال عقود من إعالة أسر