خاص بصرة 365
“بخلطات سحرية وصبر لا يعرف اليأس”..أرملة شهيد تقتحم مجال الـ”لوندري” في البصرة

BSR365 – خاص
صوت غسالة الملابس المتواصل يكسر صمت المكان، بينما تنهمك أم يوسف في فرز الأقمشة. لم تكن تتخيل قبل سنوات أن فاجعة استشهاد زوجها ستقودها لهذا المكان. كانت تلك اللحظة المظلمة بداية تحول جذري في حياتها، لتصبح واحدة من النساء القلائل اللاتي اقتحمن عالم الـ”لوندري” في البصرة.”بعد استشهاد زوجي، قررت أن أعتمد على نفسي لدعم أولادي وعدم تركهم في عوز،” هكذا بدأت أم يوسف حديثها مع قناة البصرة BSR365، بمزيج من الحسرة والإصرار.بدأت مسيرتها المهنية عام 2022 كموظفة في إحدى المغسلات، حيث صقلت مهاراتها وطورت خبرتها في التعامل مع مختلف أنواع البقع. خلال هذه الفترة، ابتكرت خلطاتها الخاصة التي أصبحت لاحقاً سر تميزها وعلامتها الفارقة في السوق.لم تكن الطريق مفروشة بالورود. تتذكر أم يوسف بأسى كيف اضطرت ذات مرة لترك عزاء أخيها والتوجه إلى العمل بسبب أزمة طارئة في المغسلة: “تركت كل شيء وذهبت للعمل رغم ظروف العزاء الصعبة، لكن الوضع كان متأزماً ويتطلب وجودي.”وبعد جهد متواصل وتوفير بعض المدخرات، اتخذت في عام 2024 خطوتها الجريئة بافتتاح مغسلتها الخاصة، تخليداً لذكرى زوجها الشهيد وأخيها. “فتحته باسم زوجي وأخي… هذا رزق جاءني بسبب تضحيات الشهداء،” تقول بامتنان.تجاوز نجاح أم يوسف حدود الاكتفاء الذاتي ليشمل خلق بيئة عمل داعمة وإيجابية. تصف علاقتها بموظفاتها بأنها “مثل العائلة،” يتشاركن الأفراح والأحزان ويتعاونّ في كل شيء، مما انعكس إيجاباً على جودة العمل وروح الفريق.أصبحت قصة أم يوسف مصدر إلهام لنساء أخريات، حتى أن بعض موظفاتها السابقات، بعد اكتسابهن الخبرة، افتتحن مغسلات خاصة بهن. تعتبر أم يوسف ذلك دليلاً على أن المهنة متطورة وتوفر فرصاً حقيقية للمرأة.لعب الدعم العائلي دوراً محورياً في نجاحها. تؤكد والدتها: “كلنا ساندناها ووقفنا معها” مادياً ومعنوياً، كما تكفلت برعاية أحفادها الصغار خلال ساعات العمل، مما أتاح لأم يوسف التفرغ لتطوير مشروعها.وتروي شريكتها في العمل كيف تجاوزت علاقتهما حدود العمل لتصبح صداقة متينة: “هي لا تتردد في مساعدتنا عندما تواجهنا مشكلة.” وحتى عندما فكرت الصديقة في ترك العمل بسبب ضغوط الحياة، وقفت أم يوسف إلى جانبها ودعمتها للاستمرار.رغم المنافسة في السوق، تؤكد أم يوسف أنها تحظى بدعم الجميع، حتى أن بعض المغسلات الأخرى ترسل إليها الملابس ذات البقع المستعصية لمعالجتها بخلطاتها المميزة. ومع الإقبال المتزايد، تخطط للتوسع وافتتاح فروع جديدة.في ختام حديثها، تشير أم يوسف إلى التطور الذي يشهده المجتمع: “الزمن تغير، لم يعد كما كان في السابق. اليوم، تستطيع المرأة افتتاح مشاريعها الخاصة وتحقيق النجاح فيها.” لتثبت بذلك أن مهنة الغسيل والتنظيف لم تعد حكراً على الرجال، وأن المرأة قادرة على إثبات جدارتها في هذا المجال وغيره.