الثقافة والفن
49 عامًا على رحيلها.. أم كلثوم: صوت الخلود الذي ما زال يهز وجدان العرب
اليوم، 3 فبراير/شباط، تحل الذكرى الـ49 لرحيل كوكب الشرق، أم كلثوم، السيدة التي وهبت حياتها لفن الطرب الأصيل، لتصبح أيقونة خالدة في سماء الموسيقى العربية. صوتها ما زال يتردد في قلوب الملايين، وفنها باقٍ رغم مرور الزمن، شاهدا على إرث فني لا يُنسى.
وُلدت فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، المعروفة بأم كلثوم، في قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية شمال مصر، في 31 ديسمبر/كانون الأول 1898. نشأت في أسرة متواضعة، حيث كان والدها الشيخ إبراهيم إمامًا ومؤذنًا في مسجد القرية، بينما كانت والدتها ربة منزل. بدأت مسيرتها الفنية بتقليد والدها في الإنشاد، لتبدأ رحلة صعودها من قرى الريف المصري إلى عرش الغناء العربي.
بدأت أم كلثوم مشوارها الفني بحفل صغير حضره 15 شخصًا فقط، وكانت مكافأتها طبقًا من المهلبية. لكن موهبتها الفذة سرعان ما جعلتها تلفت الأنظار، لتصبح واحدة من أعظم الأصوات التي عرفها العالم العربي. بفضل دعم والدها وتعاونها مع عمالقة الفن مثل الشيخ أبو العلا محمد، استطاعت أن تصل إلى القاهرة، حيث بدأت مسيرتها الحقيقية.
في عام 1924، أصدرت أم كلثوم أول أسطوانة لها بعنوان “وحقك أنت المنى والطلب”، والتي لاقت نجاحًا كبيرًا وبيعت منها 18 ألف نسخة. ومع ذلك، واجهت انتقادات حادة من الصحافة في بداية مشوارها، حيث كان الغناء والتمثيل بالنسبة للمرأة المسلمة في ذلك الوقت أمرًا غير مقبول اجتماعيًا. لكنها تحدت كل الصعوبات، لتصبح رمزًا للفن والأنوثة القوية.
على مدار خمسة عقود، قدمت أم كلثوم عشرات الأغنيات التي أصبحت جزءًا من ذاكرة الأمة العربية. من أشهر أعمالها: “أراك عصي الدمع”، “افرح يا قلبي”، “هو صحيح الهوى غلاب”، و”ليلة حب”. كما غنّت آخر أغنياتها “حكم علينا الهوى” عام 1973، والتي نُشرت بعد وفاتها.
لم تكن أم كلثوم مجرد مطربة، بل كانت ظاهرة ثقافية واجتماعية. فقد جمعت ملايين الجنيهات من حفلاتها الخيرية لدعم المجهود الحربي المصري، وأصبحت صوتًا للوحدة العربية. ومعاناتها الصحية، خاصة مرض “جريفز” الذي تسبب في جحوظ عينيها، لم توقفها عن العطاء، رغم تقليلها لعدد حفلاتها في السنوات الأخيرة من حياتها.
في 3 فبراير/شباط 1975، رحلت أم كلثوم عن عمر يناهز 76 عامًا، تاركة وراءها إرثًا فنيًا لا يُضاهى. اليوم، وبعد مرور 49 عامًا على رحيلها، ما زالت أم كلثوم حية في قلوب عشاقها، وأغانيها تتردد في كل بيت عربي، لتؤكد أن “كوكب الشرق” سيظل نجمًا ساطعًا في سماء الفن إلى الأبد.