البصرة اليوم
الطبيب الملكي في الزبير.. هل تعرف “أبو مازن” صديق الأطفال؟ يدس الحكايات مع أشرطة الدواء
في وقت يشهد فيه القطاع الصحي في قضاء الزبير غربي البصرة تدهورًا ملحوظًا، ومع تزايد عدد السكان الذي تجاوز المليون نسمة، يقف الأهالي اليوم أمام أزمة صحية متفاقمة، ليستذكروا رجلًا شكّل جزءًا من تاريخهم وذاكرتهم الإنسانية. إنه الطبيب نوري الدّووْلْ “أبو مازن” المولود في قرية أبو المغيرة، خريج الكلية الطبية الملكية في بغداد(1951), والذي عاش في وجدان أهالي الزبير منذ سبعينيات القرن الماضي ولا سيما بعد أن قرر تقديم الاستقالة من عمله الحكومي متفرغا لخدمة الناس في عيادته الخاصة، وذلك بعد مروره بظروف نفسية صعبة إثر استشهاد ابنه البكر مازن الدوول في معارك الشيب عام 1983، حينما كان يؤدي واجبه طبيبا عسكريا.
يحكي ميثم كاظم لـ”بصرة 365” عن الوضع الصحي المتردي، قائلاً:
“نقص المستشفيات، المشاريع غير المكتملة، وغياب الرعاية الحكومية، كلها أرهقتنا. في ظل هذه الظروف، لا نملك إلا أن نترحم على أيامنا مع الدكتور نوري الدّووْلْ. كان أكثر من طبيب، كان صديقًا لأطفالنا وحكواتيًا ماهرًا يخفف آلامهم بحكاياته”.
كان الدّووْلْ، المعروف بحبه للناس وإنسانيته، رمزًا للعطاء الطبي في مجتمع كان يفتقر للكثير من الإمكانيات. يقول محمد خليفة:
“نوري الدّووْلْ لم يكن مجرد طبيب، بل كان ملاذًا لنا في الأوقات الصعبة. يعالج الجميع دون تمييز، مهما كانت ظروفهم. عيادته في منزله كانت مفتوحة لكل محتاج، ووجوده في مستشفى الزبير منذ عام 1955 كان علامة فارقة”.
مع محدودية الموارد الطبية آنذاك، ظل الدكتور نوري متفانيًا في عمله. كان حاضرًا دائمًا، سواء لمعالجة مريض في عيادته أو لإنقاذ حياة محتاج في المستشفى. يقول أحد الأهالي، كاظم حسين:
“نوري الدّووْلْ هو قصة إنسانية لا تُنسى. نتحدث عنه وكأنه لم يغادرنا. كان يضع صحة الإنسان أولًا، ويعمل بظروف صعبة كان يتحداها بصبره وحكمته. اليوم، في ظل تزايد أعداد السكان، نشعر أكثر من أي وقت مضى بحاجتنا إلى أمثاله”.
يختتم حسين حديثه قائلاً:
“نحتاج اليوم إلى أطباء يحملون نفس رسالة نوري الدّووْلْ، وإلى قطاع صحي يحترم إنسانية المرضى ويهتم بمطالب الأهالي. لقد ترك الدكتور نوري أثرًا خالدًا سيبقى مصدر إلهام لنا جميعًا”.
رحل الدكتور نوري الدّووْلْ عن الحياة عام 1990، ودُفن في مقبرة الحسن البصري في الزبير، لكنه لم يرحل عن ذاكرة أهلها.