بالبيض والدهن.. عائلة الدغمان: نعالج حالات يعجز عنها الأطباء

في زاوية من الزبير غربي البصرة، حيث تمتزج التقاليد مع العراقة، تواصل عائلة الدغمان إحياء مهنة التجبير والعلاج بالطب العربي التقليدي. مهنة لم تُغلق أبوابها أمام التطور الحديث، لكنها ظلت وفية لأساليبها التي تعتمد على مزيج من الطبيعة والحرفية، دون أن تتطلب أجرًا.

“البداية من الجد حجي أحمد”

يحدثنا زيد أحمد أبو عبد الله، أحد أفراد هذه العائلة العريقة، عن إرث يعود إلى السبعينات، حين بدأ جده، حجي أحمد الدغمان، هذه المهنة. يقول: “جدي كان أول من أدخل التجبير إلى المنطقة، ثم نقلها إلى والدي، ونحن اليوم نكمل المسيرة.”

“البيض والطحين… وصفة قديمة لشفاء حديث”

ما يميز عائلة الدغمان هو تمسكها بتقنيات قديمة أثبتت فعاليتها رغم مرور الزمن. يشرح أبو عبد الله: “نستخدم خشب النخيل مع معجون مصنوع من الطحين والبيض لعلاج الكسور، بالإضافة إلى ‘العكة’، وهي خليط من الدهون الطبيعية وقطع معدنية، تُوضع على التورمات لتخفيف الألم وتسريع الشفاء.”

“التجبير للحالات المستعصية”

أصبحت عائلة الدغمان مرجعية في الزبير، حيث يقصدهم الناس بحالات يعجز الأطباء أحيانًا عن علاجها. يقول أبو عبد الله: “نعالج الكسور المهشمة والعظام المتضررة بشدة، تلك التي يرى البعض أنها ميؤوس منها. هذه المهنة تحتاج إلى حرفية ودقة، وهي مسؤولية كبيرة على عاتقنا.”

“علاج بلا أجر… إرث من القلب”

ما يلفت الانتباه في حديث أبو عبد الله هو أن عائلته تقدم خدماتها “لوجه الله تعالى”، دون طلب أجر من المرضى. “الهدف ليس المال، بل الحفاظ على إرثنا ومساعدة الناس”، يقول أبو عبد الله بفخر.

“رسالة للأجيال القادمة”

مع تغير الزمن وتطور الطب الحديث، يبدو أن هذه المهنة التقليدية تواجه خطر الانقراض. لكن عائلة الدغمان تحمل وعدًا للمستقبل. “لن ندعها تموت. سنواصل هذه المهنة بكل حب، ونسلمها للأجيال القادمة، لتظل شاهدة على أصالتنا وكرمنا”، يختم أبو عبد الله حديثه.