اخبار اخرى
“الذهبي للشباب والبسيط للكبار”..الحاج هلال يحكي ذكريات نصف قرن مع العباءة العراقية

“كل محافظة ولها بصمتها في العباءة”، يقول الحاج هلال الكناني في حديثه الخاص مع قناة البصرة BSR365، وهو يعرض مجموعته المتنوعة في محله القديم بالبصرة.
من البصرة الجنوبية، مدينة النخيل والطيبة والشعر والشط، يرسم الكناني خارطة ثقافية للعراق من خلال نسيج العباءة. للبصريين لبستهم المميزة، ولأهل بغداد عباءتهم “العامة”، بينما تنفرد العمارة والنجف وكربلاء والديوانية بأساليبها الخاصة، لتتحول العباءة من مجرد رداء إلى هوية تروي أصول مرتديها.
من الأب إلى الابن
“فتحت عيوني وأنا صغير لقيت الوالد يشتغل هاي الشغلة”، هكذا يروي الحاج هلال، مواليد 1961، بداية مسيرته مع حرفة خياطة العباءات. “إذا تسأل الناس القدماء والكبار يعرفون، احنا أقدم ناس هنا”، يضيف بفخر، مؤكداً أن هذه المهنة متوارثة “من أب وجد”.
من صوف الغنم إلى الثوب الفاخر
تبدأ رحلة العباءة الأصيلة من “الصوف الغزل” المستخرج من “الحلال” (الغنم)، لتمر بمراحل متعددة حتى تصير عباءة فاخرة قد يصل سعرها إلى “ثلاثة ملايين” دينار. في المقابل، هناك العباءة “السورية” التي تعد أرخص أنواع العباءات بسعر “25 ألف”.
خيارات المشتري
يقدم محل الحاج هلال للزبون خيارين: إما شراء العباءة “الجاهز بمخيط”، أو “التفصال” (الخياطة حسب الطلب). يوضح: “إذا يفصل يصير دبل السعر… وقماش احتمال أحسن شوية”، وفقاً لتعبيره.
سر الجودة
“الميزة على حكم الخيط”، هكذا يلخص الحاج هلال سر جودة العباءة. فرغم استخدام نفس المكينة، تختلف الجودة حسب نوع الخيط (بريسم، عادي، هندي، صيني، ياباني) الذي يعتبر “الياباني أرقى شيء” منه.
لكن العنصر الأهم يبقى مهارة “البَرم” و”لفة الإيد” التي تحدد إن كانت العباءة “خشنة أو ناعمة”، “زينة أو مو زينة”.
تنوع الأنماط
يستخدم أهل الصنعة مصطلح “المجراوية” للعباءة الناعمة، التي ارتبطت تاريخياً بالبصرة لكنها صارت تُصنع في كل المحافظات. ويعزو الكناني انتشار بعض الأنماط إلى كون أهل العمارة “أساس أهل الغزل” في البدايات.
بين جيلين
يلاحظ الحاج هلال اختلاف أذواق الأجيال، فالشباب يميلون للعباءات “الزرّي” المزخرفة بالذهبي، بينما يفضل كبار السن العباءات البسيطة “الهيلة”.
كما يشير بحسرة إلى تراجع جودة الصناعة مقارنة بالسبعينات والثمانينات، لأن “الناس القدماء راحت، ما يجون مثلهم”، كما يروي ذلك بحسرة.
رغم التحديات، تبقى صناعة العباءات في البصرة إرثاً متجدداً، يحافظ على روح التراث مع مواكبة التطور، متنقلاً من جيل إلى جيل برعاية من يعشق هذا التراث العريق.


















