البصرة اليوم
“التنمية البشرية وهم مسوّق”..مثقف من الزبير “يفضح خدعة العصر” و”بذاءة الخطاب”

من يقف خلف المكتبة المجانية في الزبير؟ ومن هو صاحب “دار وراقون” للنشر؟ ولماذا تعثر مشروع “شارع الزبير الثقافي” رغم سنوات من المتابعة؟ خيوط متشابكة تقود إلى شاب بصراوي يدعى وطبان حسن مكي، قرر أن يواجه “وباء الثقافة البذيئة” – كما يسميه – بمشاريع متواضعة لكنها عميقة الجذور. قناة البصرة 365 التقته في منزله المتواضع، لتكشف قصة نضال يدور في الظل بعيداً عن الأضواء.”لم نكتفِ بالحديث عن الثقافة، بل أردنا أن نبني لها مكاناً حقيقياً في حياة الناس”، هكذا بدأ وطبان حديثه عن سلسلة المشاريع التي أطلقها مع زملائه – الذين وصفهم بـ “العامل الأساسي” في كل ما تحقق. بدأت المسيرة بتأسيس “منتدى اليسار الثقافي” الذي جمع المهتمين بالشأن الثقافي في المدينة، ثم توسعت لتشمل إصدار “مجلة لارسا الثقافية” الموجهة للشباب، ولم تتوقف عند إنشاء “المكتبة الثقافية العامة” التي توفر الكتب مجاناً، بل امتدت إلى تأسيس “دار وراقون” للطباعة والنشر، استلهاماً من اسم “الوراقين” التاريخي في بغداد.لكن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود. يروي وطبان بمرارة قصة مشروعه الحلم بإنشاء شارع ثقافي في الزبير يحمل اسم الشاعر الراحل محمود البريكان: “بدأت العمل على هذا المشروع منذ عام 2015، خصصنا له مكاناً وأعددنا الفريق الإداري، لكن منذ ذلك الوقت حتى 2018، كنت أراجع للحصول على الموافقات، إلى أن احترقت المحافظة واحترق الملف!”ينتقل وطبان بلهجة نقدية لاذعة للحديث عن المشهد الثقافي العراقي بعد 2003، مشيراً إلى “تصدّر المشهد بعض المنظمات والشخصيات المشبوهة” التي تروج لما أسماه “ثقافات بذيئة” تبعد الناس عن دور الثقافة الحقيقي في بناء الوعي.لا يتوقف نقده عند هذا الحد، بل يمتد ليشمل ظاهرة انتشار كتب “التنمية البشرية” التي يعتبرها “تروج لوعي متدني” من خلال تركيزها على الفرد بمعزل عن سياقه الاجتماعي والاقتصادي. “هذه الكتب تغرس الأنانية وتصرف القارئ عن المشاكل الحقيقية والهموم الجماعية، وتدخله في دوامة كبيرة من التفكير المنحصر بالذات”، يقول وطبان.ويرى أن المشكلة الأكبر تكمن في خضوع العمل الثقافي لـ “سياسة الدولة” وابتعاده عن المفهوم الحقيقي للحرية الثقافية، مما يؤدي إلى “حجم دور المثقف” وعرقلة المبادرات المستقلة.”المثقف الحقيقي ليس مجرد شخص مشهور أو أكاديمي، بل هو من يتحسس آلام شعبه، ومن يزعج السلطات بفكره النقدي”، يؤكد وطبان، مستشهداً بنماذج تاريخية كأنطونيو غرامشي وهادي العلوي ومحمود البريكان.يعتقد وطبان أن العراق يعيش “أزمة ثقافة” حقيقية ول


















